السلالات
البشرية
البشر يشبه
بعضهم بعضًا في نواح أساسية كثيرة، ولكن كلاً منهم يختلف عن غيره في نواح أخرى.
فهؤلاء الصغار الذين يبدون في الصورة يتباينون في ألوان بشرتهم وشعورهم. ويتجنب
معظم الخبراء اليوم تصنيف الناس أجناسًا على أساس إختلافهم في خصائص جسمانية
ومن هذا الأجناس
البشرية مصطلح يشير إلى السلالات البشرية. قال الله سبحانه وتعالى في محكم التنزيل: ﴿ياأيها
الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند
الله أتقاكم، إن الله عليم خبير﴾ الحجرات: 13.
خلق الله سبحانه
وتعالى آدم عليه السلام، وخلق زوجه، ثم أهبطهما إلى الأرض، ومنهما تناسل البشر،
وتعددت أجناسهم. وقال رسولنا الكريم ³ في الحديث الشريف: (كلكم بنو آدم، وآدم خلق
من تراب ) صحيح الجامع الصغير: للألباني.
يطلق لفظ الجنس
على أحد شِقَّيْ الذكورة والأنوثة، أو على ما يرتبط بهذا من معان، وعلى مرتبة
تصنيفية أعلى من النوع ودون الفصيلة، ويعني به المناطقة شيئًا كليًا يضم أقسامًا.
لكننا في هذه المقالة نحبذ استعمالاً شائعًا للفظ يشير إلى السلالات البشرية.
ونستخدم لفظ عِرْق - عمومًا- مرادفًا.
ينحدر جميع
البشر من قوم كانوا يعيشون منذ مئات الآلاف من السنين؛ فنحن جميعًا نلتقي في أصل
مشترك. وهذا يعني أن جميع البشر الذين يعيشون على الأرض اليوم ينتمون إلى أصل
واحد، ومع ذلك فلسنا جميعًا متشابهين؛ فأجسامنا مختلفة الأحجام والهيئات، وجلودنا
متباينة الألوان. وكذلك تختلف عيوننا لونًا وشكلاً، كما أن شفاهنا وأنوفنا ذات
أشكال متنوعة، وتتباين شعورنا في لونها وملمسها.
ويعتقد معظم
علماء علم الإنسان (الأنثروبولوجيين) أن البشر نشأوا في إفريقيا، ثم انتشروا
تدريجيًا في أرجاء الأرض. انظر: شعوب ما قبل التاريخ. فقد لاحظوا أن جماعات
الآدميين الذين عاشوا في أنحاء معينة من الأرض عدة آلاف من السنين يجنحون إلى
الاختلاف عن جماعات أخرى عاشت في أماكن أخرى من العالم. فالعيش
في مناطق تضم بيئات مختلفة أحد أسباب اكتساب الناس مظاهر مختلفة. فعلى سبيل
المثال، يميل الأقوام الذين عاش أسلافهم أجيالاً عديدة في المناطق الشمالية من
العالم ـ كشمالي أوروبا أو شمالي اليابان ـ لأن يكون لون بشرتهم فاتحًا. أما أولئك
الذين يعيشون بالقرب من خط الاستواء -كأواسط إفريقيا أو جنوبي الهند- فيميل لون
بشرتهم لأن يكون قاتمًا. وأما أولئك الذين يعيشون في بيئات بين هذين الطرفين،
فيميل لون بشرتهم لأن يكون وسطًا بين الفاتح والقاتم (القمحي). وإذا أردت أن تعرف
المزيد عن كيفية نشوء ألوان البشرة من التكيفات البيئية، فانظر: القسم الخاص
بالتكيّفات المنُاخية في هذه المقالة.
ونحن نلاحظ
أحيانًا أن خصائص جسمانية معينة تميل إلى التجمع. فنحن قد نربط، مثلاً، بين الشعر
الأشقر والعينين الزرقاوين والبشرة البيضاء وأهل الدنمارك والنرويج والسويد. كذلك
نربط أيضًا بين الشعر الأحمر والعينين الخضراوين والبشرة ذات النَمَش
والأيرلنديين. ومع ذلك يوجد في الواقع كثير من الناس في هذه الدول الأربع شعورهم
وعيونهم بنية اللون، ولون بشرتهم بني فاتح. ويظهر
لنا هذا المثال بعض المشكلات التي تجابه علماء علم الأحياء البشري الذين يحاولون
تصنيف البشر أجناسًا.
ويعرِّف علماء
الأحياء العرق بأنه قسم من أحد أنواع النبات أو الحيوان.
ويتشابه أفراد النوع الواحد في كثير من النواحي الأساسية، وعلى الأخص في التزاوج
فيما بينهم وإنجاب الذرية الكثيرة. أما أفراد الأنواع المختلفة فلا يمكنها أن
تتزاوج وتنجب ذرية. فالدببة الشهباء والدببة السوداء في أمريكا الشمالية، مثلاً،
دببة وثيقة القرابة. ولكن على الرغم مما بينها من تشابه لا يتزاوج أفراد أي من
المجموعتين مع أفراد المجموعة الأخرى، وذلك لأنهما ينتميان إلى نوعين مختلفين.
ويمكن تقسيم
كثير من أنواع النبات والحيوان إلى مجموعات يختلف بعضها عن بعض، أُطلقت عليها
أسماء مختلفة: أجناس أو نُوَيْعات، أو عشائر طبيعية، أو سلالات، أو أصناف ؛ فعلماء
الأحياء يلاحظون أن الدببة الشهباء مثلاً، تتميز من منطقة إلى أخرى باختلافات
جسمانية، ولذلك يقسِّمونها نويعات على أساس تلك الفروق.
ينتمي جميع
البشر إلى النويع هومو سابينز ، ولكن العشائر البشرية تختلف من منطقة إلى أخرى.
ولقد استخدم العلماء هذه الاختلافات لتصنيف الناس أجناسًا مختلفة، ومن ثم ابتدعوا
أقسامًا عرقية للبشر بناء على الخصائص الطبيعية مثل، لون الشعر وملمسه، وشكل
العينين.
بيد أن بعض
الأفراد الذين يُلحقون بالجنس الواحد نفسه ـ بل بعض أفراد الأسرة الواحدة ـ
يختلفون عن خصائص جنسهم اختلافًا واسعًا. وعلى مر السنين، اختلف العلماء حول عدد
الأجناس التي يصنَّف البشر تحتها، وحول الأفراد الذين يُلحقون بكل منها. ولهذا
السبب، انتهى كثير من علماء الإنسان إلى الاعتقاد بأن إلحاق أية جماعة من البشر
بجنس من الأجناس مسألة اعتباطية ولذا فالأمر مفتوح للحوار.
وقد ظل معظم
العلماء أعوامًا كثيرة يعتقدون أنه قد كانت هناك أجناس نقية من البشر في وقت ما من
عصور ما قبل التاريخ، وأن تلك الأجناس النقية قد تكوّنت منعزلة انعزالاً تامًا عن
بعضها، وأن أفراد كل جنس منها اتصفوا بخصائص لم تكن لتوجد في أفراد سائر الأجناس.
بيد أن معظم
علماء الإنسان الطبيعيين (أي العلماء الذين يدرسون الاختلافات الجسمانية للبشر
وتطورهم في عصور ما قبل التاريخ) يشكّون في أنه كانت هناك أجناس نقية في أي وقت من
الأوقات. وهم يشيرون إلى أن من المحتمل أن الناس كانوا دائمًا يتخذون أزواجهم من
عشائرهم أو من خارجها، وأنه بازدياد وسائل الانتقال والتواصل يُسرًا ازداد اختلاط
العشائر البشرية أكثر فأكثر. ولهذه الأسباب لا يُحْسِنُ التعريف الأحيائي للجنس
وصف العشائر البشرية. ويتجنب معظم علماء الإنسان الآن تصنيف الناس أجناسًا، ولكنهم
ـ عوضًا عن ذلك ـ يحاولون أن يزدادوا معرفة بالتنوع البشري، وذلك بدراسة تباين
الخصائص البشرية في أنحاء العالم. وعلى الرغم من أن الافتقار إلى نظام تصنيف
للأجناس مطلوب وصحيح نظريًا، إلا أن الناس يعدون ـ بصفة عامة ـ أولئك الذين يتخذون
مظهرًا مخالفًا لهم أفرادًا منتمين إلى جنس آخر. ونتيجة لهذا ظل مفهوم الجنس
البشري ذا أهمية ولكن بمدلول اجتماعي. فالمجتمعات تمضي في تصنيف أفرادها أجناسًا ،
على الرغم من أن المعايير والأسماء المستخدمة قد تختلف من مجتمع إلى آخر.
وكثيرًا ما أساء
الناس فهم فكرة الجنس (العرق) البشري، بل إن المصطلح قد أسيء استخدامه في بعض
الأحيان عن عمد. وكثيرًا ما خلط الناس أيضًا بين المفهوم الأحيائي للجنس والحضارة
أو اللغة القومية أو الدين. فالفروق الجسدية قد أدت ببعض الناس إلى الانتهاء إلى
نتيجة خاطئة وهي أن أفراد الجماعات المختلفة يولدون وبهم اختلافات في الذكاء
والمواهب والقيم الأخلاقية. ولقد اتُّخذ الجنس أساسًا رئيسيًا للتمييز في
المعاملة، أي معاملة كل جماعة للجماعات الأخرى على أنها ذات مستوى أدنى منها.
انظر: التفرقة العنصرية في جنوب إفريقيا .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق