التسامح في التربية من أجل السلام
يعتبر التسامح والتساهل الفكري
من المصطلحات التي تُستخدم في السياقات الاجتماعية
والثقافية
والدينية
لوصف مواقف واتجاهات تتسم بالتسامح
(أو الاحترام
المتواضع)
أو غير المبالغ فيه لممارسات وأفعال
أو أفراد نبذتهم الغالبية العظمى من المجتمع. ومن الناحية العملية،
يعبر لفظ
"التسامح" عن دعم تلك الممارسات والأفعال التي تحظر التمييزالعرقي
والديني. وعلى عكس التسامح، يمكن
استخدام مصطلح "التعصب" للتعبير عن الممارسات والأفعال القائمة على
التمييز العرقي والديني الذي يتم حظره.
وعلى الرغم من ابتكار مصطلحي
"التسامح" و"التساهل الفكري" للتعبير في المقام الأول عن التسامح الديني
مع طوائف الأقليات الدينية عقب الإصلاح البروتستانتي، فقد شاع استخدامهما بشكل متزايد
للإشارة إلى قطاع أكبر من الممارسات والجماعات التي تم التسامح معها أو الأحزاب
السياسية أو الأفكار التي تم اعتناقها على نطاق واسع.
ويعتبر مفهوم التسامح واحدًا من
المفاهيم المثيرة للجدل. ولعل من أسباب ذلك أنه لا يعمل على الارتقاء بمستوى المبادئ
أو الأخلاقيات
الفعلية على غرار ما يحدث في المفاهيم
الأخرى (المتمثلة في الاحترام والحب والمعاملة بالمثل). ويرى النقاد الليبراليون
أنه من غير اللائق أن يتم اعتبار
السلوكيات أو العادات التي نظهر التسامح معها شذوذ
أو انحراف عن المعايير السائدة أو
يكون لدى السلطات الحق في أن تفرض عقوبة
على ذلك. والأفضل من وجهة نظر هؤلاء
النقاد هو التأكيد على بعض المفاهيم الأخرى مثل التحضر أو المدنية والتعددية أو
الاحترام.بينما يعتبر النقاد الآخرون أن التسامح في مفهومه المحدود يعد أكثر
نفعًا؛ حيث إنه لا يحتاج إلى أي تعبير زائف
يجيز التعصب ضد جماعات أو ممارسات وأفعال رفضها المجتمع في الأساس.
ومن الناحية العملية، كانت الحكومات
تحدد أي الجماعات والممارسات سيكون موضع اضطهاد وأيًا منها ستتسامح معه. وقديمًا
كانت مراسيم أشوكا التي
أصدرها الإمبراطور أشوكا العظيم حاكم
امبراطورية
ماوريا، تدعو إلى التسامح العرقي والديني.
وفي عهد الإمبراطورية
الرومانية التي توسعت رقعتها فيما بعد، أُثيرت
تساؤلات حول الأسلوب الذي ستنتهجه مع بعض الممارسات أو المعتقدات المعارضة لها، هل
ستتسامح معها أم تضطهدها بشدة، وإلى أي مدى؟ وبالمثل، فإنه في العصور الوسطى، كان حكام أوروبا المسيحية
أو حكام الشرق الأوسط المسلم يقومون
في بعض الأحيان بتوسيع حدود التسامح لكي تشمل طوائف الأقليات الدينية وفي أحيان
أخرى لا يقومون بتوسيعها إذا كانت هي نفسها متعصبة.من ناحية أخرى، عاني اليهود على
وجه التحديد من وطأة الاضطهادات المعادية للسامية والتي
سادت أوروبا
خلال القرون الوسطى.[1] لكن بولندا
شكلت استثناءً ملحوظًا من دول أوروبا
الوسطى؛ حيث كانت الملاذ بالنسبة ليهود أوروبا نظرًا لروح التسامح النسبي التي
سادت أرجائها - ومع حلول منتصف القرن السادس عشر - كان 80% من اليهود يعيشون فيها.[2]
وكان باول لودكويك من
أوائل المناصرين لسياسة التسامح، وهو الذي دافع عن حقوق الأمم الوثنية
أمام مجلس كونستانس "أحد المجالس المسكونية التابعة للكنيسة الرومانية الكاثوليكية".[3] وبالرغم مما سبق، لم تبدأ أية محاولة لوضع كيان لنظرية حول
التسامح إلا في القرنين السادس عشر والسابع عشر، وذلك في استجابة لحركة الإصلاح البروتستانتي وحروب
الأديان والاضطهادات التي أعقبت الانتقادات التي وُجهت إلىالكنيسة
الكاثوليكية
والتي أثارها مارتن لوثر
وأورليتش
زوينجلي
(Huldrych Zwingli) وغيرهم.
وكرد فعل لنظرية الاضطهاد التي كانت تهدف إلى تبرير أسباب اندلاع حروب الأديان
وإعدام الأفراد المدانين بتهم الهرطقة
أو الزندقة والسحر،
تشكك عدد من الكتاب أمثال سيباستيان
كاستيلو وميشيل
دي مونتين
في مسألة البُعد الأخلاقي للاضطهاد
الديني، وعرضوا مناقشات حول فكرة التسامح.أما بالنسبة لبولندا، التي قدمت نموذجًا
فريدًا للتسامح وتعدد الأديان وعدم التمييز العرقي، فقد أكدت رسميًا على مكانتها
"كمأوى للهراطقة" (المنشقون عن عقيدة ما) وذلك في حلف وارسو
الذي أصدر أول قانون للتسامح الديني
في أوروبا عام 1573.[4][5]
التسامح
مع المتعصبين
أكد الفيلسوف كارل بوبر
في كتابه الذي جاء تحت عنوان "المجتمع المفتوح وأعدائه" أننا نمتلك الأسباب التي تدفعنا إلى رفض التسامح مع المتعصبين
موضحًا أن هناك حدودًا للتسامح.
والسؤال الذي يطرح نفسه على وجه
التحديد، هل ينبغي للمجتمع القائم على التسامح أن يجيز فكرة التعصب؟ وماذا لو كان
التسامح عن الفعل "أ" سيدمر المجتمع؟ في هذه الحالة، ربما يؤدي التسامح
عن الفعل "أ" إلى إفراز نظام فكر جديد يؤدي بدوره إلى التعصب ضد أفكار
أية مؤسسة حيوية ولتكن "ب" مثلاً.
حقًا، من الصعب تحقيق التوازن في هذا
الصدد؛ فالمجتمعات لا تتفق مطلقًا على التفاصيل، كما أن الجماعات المختلفة في
المجتمع الواحد غالبًا ما تفشل في الاتفاق على رأي واحد. علاوة على ذلك، تنظر بعض
الدول إلى القمع الحالي للنازية
في ألمانيا
باعتباره شكلاً من أشكال التعصب،
بينما تعد النازية في ألمانيا نفسها خير مثال على التعصب الشديد.
ويخصص الفيلسوف جون راولز جزءًا
من كتابه المؤثر والمثير للجدل والذي جاء تحت عنوان "نظرية
العدالة" للبحث في مشكلة ما إذا كان ينبغي للمجتمع القائم على العدل أن
يتسامح مع المتعصب أم لا. كما يعرض أيضًا لإحدى المشكلات ذات الصلة وهي أحقية
الفرد المتعصب، في أي مجتمع، في التقدم بشكوى إذا لم تتم مسامحته من عدمها.
ويخلص راولز إلى أن المجتمع القائم
على العدل يجب أن يكون متسامحًا وبناءً عليه يجب التسامح مع المتعصب وإلا سيتحول
المجتمع في هذه الحالة إلى مجتمع متعصب وغير عادل. ويخفف راولز من وطأة هذا الأمر
بتأكيده على أن المجتمع ومؤسساته الاجتماعية لديهم الحق في انتهاج مبدأ تأمين
الحماية لأنفسهم ـ الأمر الذي يعتبر بديلاً عن مبدأ التسامح.ومن ثم، يجب التسامح
مع المتعصبين ولكن بقدر معين من التحفظ الذي لا يشكل أية خطورة على المجتمع
القائم على التسامح ومؤسساته الاجتماعية.
وبالمثل، يضيف راولز قائلاً، في حين
أن الجماعات المتعصبة قد تفقد حقها في التقدم بشكوى في حال لم تتم مسامحتها، فإن
أفراد المجتمع يحق لهم، بل وربما يكون من واجبهم، التقدم بشكوى نيابة عنهم طالما
أن المجتمع في حد ذاته في مأمن من هذه الزمرة المتعصبة.
والاتحاد
الأمريكي للحريات المدنية
خير مثال على المؤسسات الاجتماعية
التي تحمي حقوق المتعصبين؛ حيث إنه كثيرًا ما يكفل حرية الكلام للمنظمات المتعصبة
مثل منظمة الـ"كوكلاكس
كلان" Ku Klux Klan (وهي واحدة من المنظمات العنصرية التي كانت تقود حملة لإبادة
الجنس الأسود في أمريكا الشمالية)
تشتمل التربية [1]
على تعليم
وتعلم
مهارات معينة، والتي تكون –أحيانًا-
مهارات غير مادية (أو ملموسة)، ولكنها جوهرية، مثل: القدرة على نقل المعرفة،
والقدرة الصحيحة على الحكم على الأمور، والحكمة الجيدة في المواقف المختلفة، ومن
السمات الواضحة للتربية هي المقدرة على نقل الثقافة
من جيل
إلى آخر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق