الساعة الان


الأربعاء، 12 سبتمبر 2018

قناة السويس


قناة السويس

قناة السويس، هي قناة مائية تقع إلى الغرب من شبه جزيرة سيناء، وهي عبارة عن ممر ملاحي بطول 163 كم في مصر بين بورسعيد على البحر الأبيض المتوسط والسويس
على البحر الأحمر. وتقسم القناة إلى قسمين ، شمال وجنوب البحيرات المرّة. استغرق بناء قناة السويس 10 سنوات.
 تسمح القناة بعبور السفن القادمة من دول المتوسط وأوروبا بالوصول إلى آسيا دون سلوك الطريق الطويل - طريق رأس الرجاء الصالح حول أفريقيا، وأيضا قبل حفر القناة كان بعض النقل يتم عن طريق تفرغ حمولة السفن ونقلها برا إلى البحر الأحمر.
لقنوات الصناعية القديمة في مصر
عنى حكام مصر الأقدمون بحفر قناة صناعية تربط بين البحرين الأحمر و المتوسط ولكن بشكل غير مباشر و ذلك من خلال ربطهما بنهر النيل أو بأحد فروعه (الفرع البيلوزى), ومن أشهر تلك القنوات:
 قناة الملك سنوسرت الثالث عام 1874 ق.م:-
قام الملك سنوسرت الثالث وهو أحد ملوك الأسرة الثانية عشر بشق قناة تربط البحرين المتوسط والأحمر عن طريق النيل وفروعه. فكانت السفن القادمة من البحر الأبيض المتوسط تسير في الفرع البيلوزي من النيل حتى"بوباستس" (الزقازيق) ثم تتجه شرقاً إلى "تيخاو" (أبو صوير) ومنها عبر البحيرات المرة التي كانت خليجاً متصلاً بخليج السويس ومنها إلى البحر الأحمر. ومازالت آثار هذه القناة واضحة المعالم حتى الآن بمحاذاة المجرى الحالي لقناة السويس بالقرب من (جنيفة). إلا أن هذه القناة كثيراً ما ردمت وتجددت في عصور الفراعنة والرومان.
فترة حفر قناة السويس
في 25 ابريل 1859 أقيم حفل بسيط ببورسعيد للبدء بحفر قناة السويس و ضرب مسيو دى لسبس بيده أول معول في الأرض إيذاناً ببدء الحفر وكان معه 100 عامل حضروا من دمياط ولم يتمكن العمال بعدها من استكمال حفرهم بسبب معارضة إنجلترا والباب العالى لذلك واستكمل الحفر في 30 نوفمبر 1859 وذلك بعد تدخل الامبراطورة أوجينى لدى السلطان العثمانى ووصل عدد العمال المصريين إلى 330 عامل والاجانب 80 عامل، وتم الاستغناء عن فكرة الاستعانة بعمال اجانب لعدة اسباب من ضمنها ارتفاع اجورهم واختلاف المناخ واختلاف عاداتهم عن العمال المصريين.
 في اوائل عام 1860 بلغ عدد العمال 1700 عامل ولم يكن ذلك العدد كافياً على الاطلاق فقامت الشركة بتشكيل لجنة لجمع العمال و خاصة من منطقة بحيرة المنزلة وواجهت كذلك مشكلة مياه الشرب فقامت باستيراد 3 مكثفات لتحلية مياه البحر.
 في عام 1861 ركزت الشركة على انشاء ميناء مدينة بورسعيد، فأقامت منارة لإرشاد السفن و كوبرى يمتد من البحر إلى الشاطئ لتفريغ شحنات السفن و المعدات اللازمة للحفر و أنشأت أيضاً حوضاأ للميناء وأقامت الورش الميكانيكية مثل الحدادة و الخراطة و النجارة و أقامت مصنعاً للطوب و كانت الشركة مازالت تواجه مشكلة نقص مياه الشرب فاتفقت مع السيد محمد الجيار صاحب مراكب الصيد على نقل مياه الشرب من المطرية إلى بورسعيد.
 قام الخديوي سعيد في 12 ابريل 1861 بزيارة الميناء الذى حمل اسمه فيما بعد وزار الورش وأثنى على العمل وتسببت تلك الزيارة في رفع عدد العمال اللازمين لحفر القناة.
في 19 ابريل 1861 أرسلت الشركة 3000 عامل لحفر ترعة المياه العذبة بدءاً من القصاصين إلى قرية نفيشة بالقرب من بحيرة التمساح و وصلت المياه اليها في 23 يناير 1863.
 في أواخر عام 1861 قام الخديوى بزيارة مناطق الحفر بجوار بحيرة التمساح و اختار موقع المدينة التى ستنشأ بعد ذلك و التى حملت اسم الإسماعيلية و طلب بعدها مسيو دى لسبس زيادة عدد العمال إلى 25000 عامل شهرياً و قد كان ذلك للوفاء باحتياجات الحفر الا ان العمال لم يكونوا يحصلوا على مقابل مادى مناسب.
 في 18 نوفمبر 1862 أقام مسيو دي لسبس احتفالاً بمناسبة الانتهاء من حفر القناة البحرية المصغرة ووصول مياه البحر المتوسط إلى بحيرة التمساح و أقيم الحفل في منطقة نفيشة.
 وكان الخديوى إسماعيل قد تولى حكم مصر في يناير 1863 وتحمس للمشروع ولذلك أنشأ محافظة القنال في مارس 1863 برئاسة إسماعيل حمدى بك وفى أواخر ذلك العام و تحديداً في 15 ديسمبر 1863 بلغت الترعة الحلوة مدينة السويس.
 بريطانيا والقناة
 ومنذ ذلك الحين صار الاستيلاء على هذا الطريق المائي الجديد من أغراض السياسة الإنجليزية، خاصة بعد تحقيق ألمانيا وإيطاليا لوحدتهما السياسية ودخولهما ميدان المنافسة الاستعمارية، وما يترتب على ذلك من تأثير على مركز بريطانيا في حوض البحر المتوسط، وكان ذلك كفيلاً بأن تتحول أطماع بريطانيا نحو مصر والقناة باعتبارهما مفتاح السيطرة في البحر المتوسط والمدخل للتوسع الاستعماري في إفريقيا، فضلاً عن أن بقاء القناة تحت السيطرة الفرنسية أمر لم يكن يطمئن إنجلترا في حركتها التجارية أو في الوصول إلى مستعمراتها في الهند.
 وفي البداية لم تقبل إنجلترا على استخدام القناة في طريقها إلى الهند إلا في سنة (1306هـ= 1888م) بعد أن فرضت سيطرتها التامة على القناة ومصر، وقبل هذا التاريخ اكتفت بسفينتين كل شهر، وكانت تهدف من وراء ذلك إلى إظهار مشروع القناة في صورة خاسرة، ومضاعفة متاعب الشركة، بل أرادت أن تشتري القناة بأبخس سعر ممكن، وتمكنت من شراء أسهم مصر في القناة في (ذي القعدة 1292هـ= نوفمبر 1875م) واعتبر هذا البيع ضربة موجعة شديدة للمصالح الفرنسية، أما بريطانيا فطالبت بحقها في إدارة القناة.
 ولم يمض وقت طويل حتى رأت بريطانيا أن مصالحها التجارية والسياسية مرتبطة بالقناة، لذلك استغلت الأزمة المالية الخانقة التي تعرضت لها مصر في أواخر عهد إسماعيل، وتدخلت في الشؤون السياسية والمالية في البلاد، وهو الأمر الذي انتهى بالاحتلال البريطاني لمصر في (1300هـ= 1882م).
مياه الشرب
في البداية كان يتم جلب المياه من دمياط عبر القوارب الصغيرة و من الإسكندرية عبر سفينة مجهزة لذلك وتحمل 8 ألاف لتر من الماء و أقامت مكثفين لتقطير المياه في يونيو ثم يوليو عام 1859 ينتج كل منهما 5 ألاف لتر يومياً إلا إن الإنتاج الفعلى كان 900 لتر فقط لكل مكثف بسبب الخوف من الأعطال و لأن كل مكثف يستهلك كيلو جرام فحم مقابل لتر ماء, لذا اتفقت الشركة مع مصطفى عنانى بك صاحب مراكب الصيد ببحيرة المنزلة لجلب ما لا يقل عن 6 أمتار مكعبة يوميا من الماء مقابل 6 فرنكات للمتر في حين أن تقطير المتر يتكلف 20 فرنك و كان يتم توزيع المياه على المنازل بواسطة الفلاحين.
 ثم اتفقت الشركة مع محمد الجيار بك و هو أحد كبار ملاك السفن في بحيرة المنزلة لنقل المياه في براميل و أقامت الشركة له خزانا ضخماً سعته 32 متر مكعب.
 و لم تتحسن الحالة إلا في عام 1866 حينما مد خط من الأنابيب من الإسماعيلية لبورسعيد و كان يوجد شبكة مواسير في المدينة يختلف قطرها حسب أهمية الشارع و توجد حنفيات عامة في مختلف الميادين و كان على المحافظة إمداد الحجاج بالمياه اللازمة لسفرهم و لوحظ أيضا كثرة المشكلات الناجمة عن قلة المياه بن السكان.
 اتفاقية الآستانة
 أثار استيلاء بريطانيا على مصر مشكلة مع فرنسا التي كانت ترى ضرورة تنظيم استخدام القناة، وتمت الموافقة بين الدولتين على أن تستند دراسة التنظيمات الخاصة بالقناة للجنة دولية في باريس وتضم ممثلين لدول أوروبية ومعها تركيا ومصر، وبعد مفاوضات تم توقيع اتفاقية الآستانة الخاصة بتنظيم إدارة القناة في (ربيع الأول 1307هـ = أكتوبر 1889م) وأقرت هذه الاتفاقية حياد القناة.
 أما من الناحية الواقعية فإن إنجلترا ظلت تحتل مصر والقناة معًا، كما حرصت على أن تجعل سيطرتها على مصر والقناة أمرًا معترفًا به من جانب الدول الكبرى، وتم لها ذلك بتوقيع الاتفاق الودي مع فرنسا في (1322هـ= 1904م)، وما إن حازت هذا الاتفاق حتى عمدت إلى إضعاف السياسة العثمانية في مصر، وإثبات سيادة الأتراك على مصر سيادة اسمية فقط، ثم ألغت هذه السيادة هي الأخرى في الحرب العالمية الأولى وفرضت حمايتها على مصر، وفرضت رقابة شديدة على منطقة القناة.
 معاهدة 1936
 استمرت السيطرة البريطانية على مصر والقناة، واستمرت معها مطالب الوطنيين بالجلاء حتى تم توقيع معاهدة 1936 التي نصت على احتفاظ بريطانيا بقاعدة حربية وجوية لها في منطقة القناة، واستفادت بريطانيا من قواعدها في القناة أثناء الحرب العالمية الثانية.
 وحاولت الحكومة المصرية إلغاء معاهدة 1936 أو تعديلها، وجرت مفاوضات طويلة وشاقة مع الإنجليز بهذا الخصوص، وقام الفدائيون المصريون بأعمال بطولية ضد المعسكرات الإنجليزية في القناة، وقام النحاس باشا رئيس الحكومة المصرية بإلغاء المعاهدة في (المحرم 1371هـ= أكتوبر 1951م) التي ظلت تربط مصر وبريطانيا مدة تزيد على خمسة عشر عامًا، وهو ما جعل بريطانيا ترفع درجة استعدادها في منطقة القناةالقناة بين الجلاء والتأميم
 قامت ثورة يوليو 1952 ضد الحكم الملكي والفساد، وسعت حكومة الثورة بعد إلغاء الملكية إلى مطالبة إنجلترا بجلاء قواتها عن منطقة وقاعدة قناة السويس، قاعدة قناة السويس، وأدت تلك المطالبات المصرية إلى التوصل للاتفاقية المصرية– الإنجليزية للجلاء عام (1374هـ= 1954م)، ونصت على أن يتم انسحاب القوات البريطانية على مراحل خلال عشرين شهرا، ونصت على بقاء مناطق محددة في قاعدة قناة السويس في حالة تشغيل تتسم بالكفاءة والصلاحية للاستخدام الفوري بواسطة بريطانيا في حالة وقوع هجوم مسلح من دولة خارجية على إحدى الدول العربية أو التركية، مع ضمان حرية الملاحة في القناة.
مصر وشركة القناة
 لم يؤثر الانسحاب التدريجي للقوات البريطانية من قاعدة قناة السويس، أو إصرار مصر على رفض السماح للسفن الإسرائيلية بالمرور في القناة على أداء الشركة، كما لم تؤثر التطورات التي حدثت في مصر في أعقاب ثورة يوليو على أدائها، إلا أنه في عام (1375هـ= 1955م) حدثت بعض المشكلات الطفيفة بين الجانبين؛ إذ كانت الحكومة المصرية تصر على توظيف الشركة للمرشدين المصريين، غير أن أخطر خلاف يبن الجانبين كان متعلقًا بالأمور المالية، خاصة مع اقتراب انتهاء امتيازها في عام (1388هـ= 1968م)، وكانت الحكومة المصرية تريد من الشركة أن تستثمر نصف احتياطياتها في مصر، غير أن الشركة شعرت أن ذلك سوف يؤدي إلى فقدانها لسيطرتها.
 التأميم
 وكان لاتجاه مصر للحصول على السلاح من الكتلة الشرقية، ونجاح عبد الناصر في الحصول على أول شحنة من الأسلحة التشيكية في (ربيع أول 1375هـ= أكتوبر 1955م) صداه الكبير في الغرب، انعكس ذلك في رفض البنك الدولي تمويل مشروع السد العالي؛ حيث سحب البنك عرضه بتمويل المشروع؛ فلم تجد مصر بُدا من الرد على هذا القرار، فأعلن الرئيس عبد الناصر في خطاب ألقاه في (18 ذي الحجة 1375هـ= 26 يوليو 1956م) تأميم الشركة العالمية البحرية لقناة السويس، التي وصفها بأنها (شركة نصب) اغتصبت حقوق المصريين، وأكد أن التاريخ لن يعيد نفسه، وأن يوجين بلاك رئيس البنك الدولي لن يلعب نفس الدور الذي لعبه دي لسيبس، وأن مصر سوف تبني السد العالي؛ لذلك ستقوم بتحصيل الدخل السنوي للقناة والذي يقدر بمائة مليون دولار.
 التمويل وأزمة السويس
 وفي اليوم التالي للتأميم أعلنت بريطانيا وفرنسا رفضهما الاعتراف بتأميم القناة، وأعلنتا أنهما ستتخذان جميع التدابير اللازمة لسلامة رعاياهما وحماية مصالحهما، وتلا ذلك تجميد بريطانيا للأرصدة الإسترلينية لمصر، وأقدمت فرنسا والولايات المتحدة على إجراءات مشابهة.
 ثم اجتمع وزراء خارجية الدول الثلاث في لندن في (المحرم 1376هـ= أغسطس 1956م) وأصدروا بيانًا عارضوا فيه قرار التأميم، وقالوا بأن القناة كانت لها دائمًا صفة دولية، وأنه يجب لهذا الغرض ضمان دوليتها بصفة مستديمة، واقترحوا عقد مؤتمر دولي للدول الموقعة على معاهدة الأستانة والدول الأخرى، وفي الوقت ذاته قامت حكومتا بريطانيا وفرنسا بعدد من الإجراءات العسكرية مثل دعوة الاحتياط، وتحركت قواتهما إلى شرقي البحر المتوسط.
 وقد أغلقت القناة أثناء حرب (1387هـ= 1967م) بفعل السفن الغارقة فيها، ولم يعد فتحها إلا في (جماد أول 1395هـ= يونيو 1975م)، ثم أنهت مصر بعد توقيع معاهدة السلام مع إسرائيل الحظر الذي فرضته على مرور السفن الإسرائيلية.
 وتمتد القناة بطول 190كم، ويبلغ عمقها 19 مترًا، وعرضها 92 مترًا عند القاع و226 مترًا عند السطح، وهو ما يسمح لها بمرور السفن الكبيرة.
 * المراجع:
 محمد عبد الرحمن برج: قناة السويس أهميتها السياسية والإستراتيجية- دار الكتاب العربي للطباعة والنشر– القاهرة- (1388هـ= 1969م).
 رضا أحمد شحاتة: الدبلوماسية المصرية والصراع الدولي حول قناة السويس– الهيئة العامة للكتاب– القاهرة– مهرجان القراءة للجميع- 1995.
 مصطفى الحفناوي: قناة السويس ومشكلاتها المعاصرة– مكتبة الأنجلو المصرية– القاهرة– 1956م

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق