قضية فلسطين
فلسطين في عهد الانتداب البريطاني (1948-1918):-
في اعقاب الحرب العالميه الاولى تم القضاء على الوجود
العثماني في الشرق الاوسط بحيث تمكنت بريطانيا تساندها قوات الشريف حسين من
السيطره على غالبية الاقطار العربيه التي كانت خاضعه للدوله العثمانيه في اسيا مثل سوريا
والعراق. اما بالنسبة
لفلسطين
فقد اعلنت بريطانيا خلال الحرب العالمية الاولى
عن تصريح بلفور الذي صدر في 2-11-1917 والذي نص على انشاء وطن قومي لليهود
في فلسطين. وفي 9-12-1917 دخلت القوات البريطانيه بقيادة الجنرال اللنبي الى مدينة
القدس فكان هذا الحدث قد مثل نهاية الحكم العثماني في فلسطين وخضعت فلسطين بحكم
عسكري بريطاني وقد تقرر مصير فلسطين بشكل نهائي عام 1920 في مؤتمر سان ريمو والذي
نص على فرض الانتداب البريطاني على فلسطين متجاهلا مطالب العرب ومبادئ ويلسون
للسلام الذي عبر عنها في بنوده (14) بالاضافه الى ذلك سعت بريطانيا الى تنفيذ ما
جاء في وعد بلفور وذلك انعكس في عدة خطوات قامت بها بريطانيا منها :-
1- استبدال الحكم العسكري
باداره مدنيه يراسها المندوب السامي البريطاني اليهودي هربرت صموئيل
2- اعتراف بريطانيا
بالمؤسسات اليهوديه في فلسطين.
3- تشجيع الهجره اليهوديه
الى فلسطين وفتح ابوابها لليهود .
4- منح الانتداب صيغه
شرعيه وذلك عن طريق صك الانتداب الذي اقرته عصبة الامم وصودق عليه عام 1922 .
5- ادراج وعد بلفور في صك
الانتداب وبذلك اصبح ملزما لبريطانيا. فقد
ظهر في مقدمة صك الانتداب بان الدوله المنتدبه (بريطانيا) مسؤوله عن تنفيذ تصريح
وعد بلفور أي العمل على انشاء وطن قومي لليهود في فلسطين مع المحافظه للحقوق
المدنيه والدينيه للطوائف الغير يهوديه الموجوده في فلسطين كذلك اعترف صك الانتداب
بالصله التاريخيه التي تربط الشعب اليهودي في فلسطين وبالاسباب التي تبعث على
اعادة انشاء وطن قومي في تلك البلاد اما في البند الثاني من بنود صك الانتداب
فتظهر الالتزامات الرئيسيه لدولة الانتداب وتتلخص بثلاثة امور:-
1- خلق الظروف التي تؤمن
اقامة وطن قومي لليهود .
2- ايجاد الظروف التي تؤمن
مؤسسات الحكم الذاتي .
3- حماية الحقوق المدنيه
والدينيه لجميع السكان .
اما البند الرابع من بنود صك الانتداب فينص
على اعتراف حكومة الانتداب بالوكاله الصهيونيه وعلى استعداد للتعاون معها في ادارة
شؤون البلاد خاصه الاقتصاديه والاجتماعيه اما البند السادس فتلتزم حكومة الانتداب
بتسهيل الهجره اليهوديه الى فلسطين.
لقد عارض العرب صك الانتداب لعدة اسباب
منها:-
1- راى العرب ان تصريح
بلفور اصبح جزء هام من صك الانتداب .
2- راى العرب عزم بريطانيا على تطبيق ما جاء في وعد بلفور
خلال فترة الانتداب.
3- لم يذكر في صك الانتداب
لفظ عرب بحيث استبدلت بعبارة الطوائف الغير يهوديه في حين كان العرب يشكلون 92 %
من السكان .
4- تجاهل صك الانتداب
الحقوق والاماني القومية للعرب ولم يرد اي ذكر لمشاركة العرب في ادارة شؤون
البلاد.
فعلى اثر ذلك اشتد العداء بين العرب واليهود
في فلسطين من جهه وبين العرب وسلطات الانتداب من جهة اخرى. وهكذا شهدت فلسطين في
الفتره الوقعه ما بين عام 1920 حتى عام 1939 احداث دمويه ومواجهات عنيفه بين العرب
واليهود في فلسطين.
العلاقات العربيه اليهوديه في ظل الانتداب
البريطاني:-
بعد فرض الانتداب البريطاني على فلسطين عام
1920 واصدار صك الانتداب وقيام بريطانيا بالعمل على تنفيذ ما جاء في وعد بلفور تفاقمت
العلاقات العربية اليهودية في فلسطين ووصلت الى حد المواجهة الدموية بين الطرفين
وانعكست في الكثير من الاحداث اهمها :-
1- احداث عام 1920 :-
كانت احداث
عام 1920 بين العرب واليهود في فلسطين من الاحداث الدموية الاولى التي شهدتها
فلسطين فقد نشبت هذه الاحداث اثناء عيد او موسم النبي موسى الذي يحتفل المسلمون به
سنويا وهي عبارة عن مسيرة تسير من القدس الى مقام النبي موسى قرب اريحا ولكن في
1920 تحول هذا العيد الى مناسبة للتعبير عن المطالب الوطنية للعرب في فلسطين فكانت
الشرارة الاولى للاحداث في القدس ثم انتشرت الى باقي المدن الرئيسية في فلسطين وقد
سقط العديد من الضحايا بسبب المواجهات العنيفة بين الطرفين الامر الذي دفع سلطات
الانتداب البريطاني تأسيس لجنة تحقيق عسكرية لتقصي الحقائق وتقديم التوصيات وقد
توصلت اللجنة الى ما يلي :-
1- ان سبب اندلاع اعمال
العنف يعود الى خيبة امل العرب من امكانية تطبيق الاستقلال الموعود .
2- اعتقاد العرب بان تصريح
بلفور ينص على رفض الحق في تقريرالمصير وخوفهم بان اقامة وطن قومي لليهود سيعني
زيادة الهجرة اليهودية وهذا سيؤدي الى هضم حقوقهم الاقتصادية والسياسية .
3- تعاظم المشاعر القومية
عند العرب وذالك على اثر اعلان فيصل نفسه ملكا على سوريا .
2- احداث ايار عام
1920 - 1921
وهي موجة من المواجهات العنيفة التي حدثت بين العرب
واليهود في فلسطين وخاصة في مدينة يافا واريافها وقد اسفرت هذه المواجهات عن
اصابات عديدة بين الطرفين فعلى اثر هذه المواجهات قامت بريطانيا بارسال لجنة تحقيق
السير توماس هيكرافت وكانت استنتاجات هذه اللجنة ان اسباب العنف المتزايد بين
العرب واليهود تعود الى الشعور بالاحباط عند العرب وازدياد معارضة العرب للصهيونية
بالاضافة الى عوامل سياسية واقتصادية متعلقة بالهجرة اليهودية الى فلسطين .
رد فعل بريطانيا على احداث 1920-1921 (الكتاب
الابيض الاول):
على ضوء احداث عام 1920- 1921 قررت الحكومة البريطانية
اصدار تفسير رسمي لتصريح بلفور, هذا التفسير جاء مضمنا في الاعلان السياسي الذي
وجه في حزيران 1922 الى المنظمة الصهيونية والى الوفد العربي الفلسطيني برئاسة
موسى كاظم الحسيني الذي تواجد انذاك في لندن, هذا التصريح الذي عرف بالكتاب الابيض
الاول لعام 1922 وجاء فيه ان الحكومة البريطانية تلفت النظر بان احكام تصريح بلفور
لا ترمي الى تحويل فلسطين برمتها الى وطن قومي لليهود وانما انشاء وطن لهم فيها,
وان الهجرة اليهودية يجب ان لا تزيد عن قدرة البلاد الاقتصادية لاستيعاب مهاجرين
جدد. كما وان سياسة الوطن القومي لا تعني فرض الجنسية اليهودية على اهل فلسطين
اجمالا.
مع بداية الادارة المدنية شكل المندوب السامي مجلسا
استشاريا مكونا من عشرة موظفين بريطانيين وعشرة فلسطينيين (4 عرب مسلمين, 3 عرب
مسيحيين, 3 يهود). في اب 1922 صدر امر عن هذا المجلس باقامة مجلس تشريعي مكون من
المندوب السامي ومن 22 عضوا, 10 موظفين و 12 يتم انتخابهم ( 6 مسلمين, 3 مسيحيين,
3 يهود).
رفض الوفد العربي المشاركة في هذا المجلس لانه لا يمكن
قبول دستور لا يضمن الاستقلال التام.
احداث آب عام 1929 :- (احداث البراق) :
تفاقمت العلاقات العربية اليهودية في فلسطين خلال العشرينات
من القرن العشرين ووصلت الى ذروتها في احداث عام 1929 والتي عرفت باسم ثورة البراق
وتتلخص اسباب هذه الثورة في ما يلي :
1- تعاظم المشاعر الدينية
بين العرب والمسلمين .
2- ازدياد المعارضة العربية اتجاه فكرة الوطن
القومي اليهودي .
3- ازدياد الهجرة اليهودية الى فلسطين الامر الذي
يشكل خطر على حقوق العرب الاقتصادية والسياسية والقومية .
4- السبب المباشر : يعود السبب المباشر الى نشوب
ثورة البراق الى الخلاف او النزاع الذي دار بين االعرب واليهود في فلسطين على حائط
البراق والذي يعتبره المسلمون جزء من الحرم الشريف اما اليهود فيعتبرونه اكثر
المناطق قداسة لانه اخر جزء من الهيكل الثاني وقد اطلق اليهود على هذا الحائط
"حائط المبكى" ففي يوم الغفران 1928 حاول اليهود تغيير الوضع القائم في
ساحة حائط البراق بحيث احضروا مقاعد ومعدات
دينية الى المكان وعلى اثر ذالك اعترض
المسلمون على هذه الخطوة فقامت الشرطة البريطانية بابعاد ما احضره اليهود واعلن
المجلس الاسلامي الاعلى بان اليهود يرغبون بالسيطرة التاريخية على الاقصى الا ان
الخلاف حول الحائط لم ينتهي عند هذا الحد فبدأ التنافس بين العناصر القومية
العربية واليهودية للسيطرة على الحائط ففي 15 اب عام 1929 قامت مجموعة من الشباب
اليهود بالتظاهر قرب الحائط وخلال المظاهرة تم رفع العلم الصهيوني وانشاد نشيد
وطني صهيوني ففي اليوم التالي قام العرب بمظاهرة مضادة في نفس المكان تم خلالها
احراق الاوراق التي وضعها المصلون اليهود بين حجارة الحائط وعلى اثر ذالك نشبت
مواجهات عنيفة ودموية بين العرب واليهود استمرت اسبوع بدأت من القدس وامتدت الى
الخليل وصفد ويافا وتدخلت السلطات البريطانية لمنع هذه المواجهات والتي كانت
حصيلتها مقتل 133 يهودي وجرح 339 اما الخسائر العربية فكانت مقتل 116 عربي وجرح
232 .
رد فعل بريطانيا على ثورة البراق :-
لقد اتبعت الحكومة البريطانية سياسة تعيين
لجان بعد كل موجة من اعمال العنف والصدامات الدموية في فلسطين بين العرب واليهود
فكان رد فعل بريطانيا على ثورة البراق تشكيل لجنة عرفت باسم لجنة شوو (shoo) وقدمت اللجنة استنتاجاتها والتي كانت على النحو التالي :-
1- ضرورة اصدار بيان صريح
عن سياسة بريطانيا في المستقبل وان تحدد معنى ضمان حقوق السكان من غير اليهود
وموقفها بما يتعلق بسياسة الاراضي والهجرة .
2- ضرورة تحديد الهجرة
اليهودية ومراقبتها بسبب خوف العرب .
3- اوصت اللجنة بتنظيم ملكية
الاراضي وعدم تحويلها او بيعها لليهود وادخال اساليب جديدة لمساعدة الفلاحين
الفلسطينيين .
4- ضرورة تطبيق الحكم
الذاتي في فلسطين .
بناءا على تطبيق لجنة شوو في اذار عام 1930 تم تعيين محقق خاص للقيام بالتحقيق اكثر تفصيلا في
مشاكل الهجرة والاراضي والاستيطان وقد عين لذلك السير هوب سومبسون وكان
تقريرسومبسون مطابق لاستنتاجات وتوصيات لجنة شوو بحيث اوصى سومبسون بضرورة ايقاف
الهجرة اليهودية ومراعاة حقوق العرب في فلسطين .
الكتاب الابيض لعام 1930 :- (الثاني) :-
بعد صدور تقرير سومبسون وتوصيات لجنة شوو حول احداث ثورة
البراق عام 1929 اصدر البريطانيون الكتاب الابيض لعام 1930 فذكروا فيه انهم لم
يتراجعوا عن سياستهم وانهم ملتزمون بصك الانتداب, ولكن الحكومة البريطانية ترى ان
الوقت حان لمنح فلسطين درجة من الحكم الذاتي لمصلحة السكان دون تأخير على ان تلائم
احكام صك الانتداب فعلى اثر ذالك قرر البريطانيون تشكيل مجلس تشريعي في فلسطين اما
بالنسبة للاراضي فقد اعترف البريطانيون انه لا توجد في فلسطين اراضي لاستقرار
المزارعين الجدد من المهاجرين, وقرروا منع الهجرة الى فلسطين .
كان رد العرب على الكتاب الابيض لعام 1930 انه ليس في
الكتاب الابيض من جديد بالنسبة لحقوق العرب السياسية وان النصوص والمبادىء الواردة
عن حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية لا تضمن للعرب حقوقهم القومية. اما بالنسبة لرد
فعل اليهود على الكتاب الابيض فقد اغضب الكتاب الابيض اليهود وهاجمته الحركة
الصهيونية في الصحف البريطانية والامريكية وقد اعلن وايزمن زعيم الحركة الصهيونية بيانا
يبين فيه التناقض مع بنود صك الانتداب وهي تراجع بريطانيا عن سياستها التي اتبعتها
تجاه الوطن القومي .
الاحداث الرئيسية التي شهدتها فلسطين ما بين 1931-1935
:-
شهدت فلسطين خلال هذه الفترة تطور في المشاريع
الاقتصادية بحيث تم فتح ميناء حيفا للحركة البحرية عام 1933 وتم توصيل خط بترول
كركوك من العراق حتى ميناء حيفا بالاضافة الى ذالك تم انشاء شركة البوتاس في البحر
الميت وتم اقامة شركة الكهرباء في فلسطين على يد مستعمرين يهود بالاضافة الى ذالك
شهدت ارتفاع ملموس بعدد المهاجرين اليهود نتيجة لصعود الحزب النازي الى الحكم في
المانيا بحيث قدمت الى البلاد الهجرة اليهودية الخامسة التي كان معظم ابنائها من
المانيا وقد ساهمت هذه الهجرة في تدفق كبير لرأس المال الامر الذي ترك اثرا كبيرا
في مجالي الاقتصاد والزراعة بحيث زاد عدد المستوطنات من 96 مستوطنة عام 1927 الى
172 مستوطنة عام 1936 فنتيجة للتحسن في الوضع الاقتصادي وتدفق رأس المال اليهودي
تحسن الوضع الاجتماعي بشكل عام واصبحت الحكومة قادرة على توسيع خدماتها لجميع
السكان ومع ذالك كان هناك تفاوت في مستوى المعيشة بين العرب واليهود وقد ظهر الامر
جليا بمقارنة الرواتب الشهرية كذالك لم يطور العرب اتحاد تجاري او تنظيم عمالي
يشبه الهستدروت والذي كان له اثر كبير في تحسين الوضع الاقتصادي داخل المستوطنات اليهودية.
على الرغم من التحسن في الوضع الاقتصادي فان ارتفاع الهجرة اليهودية الى فلسطين
عام 1933 ادى الى رد فعل عربي واسع بحيث اعلنت اللجنة التنفيذية العربية برئاسة
موسى كاظم الحسيني الاضراب العام ونظمت مظاهرة كبيرة في القدس بحيث جرت اضطرابات
عنيفة بين المتظاهرين والشرطة البريطانية كما حدثت اضطرابات في يافا ونابلس وحيفا
فقتل في هذه الاحداث شرطي و24 مدني وجرح العشرات من العرب .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق